الحنين إلى الماضي

|

إنه الحنين إلى الماضي بكل أحزانه وأفراحه ، وبكل أيامه الجميلة والتعيسة ليس ثمة من لا يحنُّ إلى ماضيه الذي احتضنه يوما ليلفظه بعد ذلك بمرور الأيام وتقادم السنين لحضن الحاضر  ، مهما كان ماضينا محزناً ومأساوياً إلا أننا نحنَّ إليه وأحسب أن هذا الحنين ما هو إلا فطرة جبل الناس جميعا عليها ، فأضحينا نبكي على الأطلال ونستذكر ما كان من حوادث الزمن البعيد لا لشيء سوى أنها أيام "لن تعود" ولن تعود مهما حرصنا في الاستذكار ومهما كان حجم ما دونّاه عنه كبير، ولست أجد هنا ما يفنــِّد مقولة : " أننا نحنُّ إلى الماضي لأنه مضى ولو عاد لكرهناه" ذلك أنها صفة اشترك فيها الجميع بمختلف أحوال ماضيهم ، أكثر ما يجذبني اليوم هو قراءة السير الذاتية لكثير من الأدباء والعظماء أشعر أن هنالك ربطاً بيني وبين ما يكتبه هذا الكاتب عن ماضيه وسيرة حياته الأولى ، أشعر حين يدوِّن بعض المواقف المؤثرة في حياته أشعر بأنه يثير شجون الماضي في داخلي وهو أمر يشعرني بالسكينة والاطمئنان في كثير من الأحيان و لا أجد عجباً حين أسمع أن الكثير من الحالات الميئوس منها والتي 
 لا تفيد معها العلاج يتم التعامل معها عبر استثارة الذكريات والحديث حول الماضي لما له من أثر في إثارة الراحة والطمأنينة في النفس ، وكنت ألحظ ذلك عند الكثير ممن يتحدثون حول ماضيهم وعرض بعض الأحداث بشيء من الحنين والشوق إليه ، حتى كبار السن اليوم يعبـِّرون عن ماضيهم بطريقة فريدة وذلك عبر تفضيل الماضي على الحاضر وإن لم يكن هذا التفضيل حقيقيا أو مقصودا لكنه شكل من أشكال الحنين إلى الماضي  وإلا فنفسه يستخدم الهاتف النقال ويشاهد التلفزيون ويقود سيارة ويستخدم  أجهزة التكييف في منزله وهو أمر ما كان متوفرا في أيامه الأولى ، أنا وبصدد الحديث حول الحنين إلى الماضي لا أنسى أن أتعرض لماضيي بذكر شيء من حوادث  قد تصرمت أيامها وظروفها ولكن لا زال أبطالها  أحياء .

في اليوم الأول من الدراسة بالصف الأول الابتدائي وفي أول فسحة كنت لا أزال أستكشف المدرسة بعد،  فكنت أجول في أرجاءها وأتطلع لما في صفوفها ويبهرني ذلك المشهد وذلك الشعور وهو شعور لا أزال أذكره منذ أن بدأ معي عند  الطابور الصباحي في اليوم الأول ، أثناء تجولي لحظت تجمعا للطلاب عرفت أنهم مثلي في يومهم الأول آنذاك ، يمدون أيديهم فيعطيهم رجل يكبرنا سناً بعض السندويشات "زعتر" ولم أكن ألحظ الريالات التي كانوا يمدونها قبل ذلك فانخرطت معهم ومددت يدي إلا أن البائع كان يعطي الآخرين ويبتسم في وجهي ، بقيت واقفا ويدي ممدوة  دون أن يقع في يدي شيء ولست أفهم مغزى ابتسامته وبعد لحظات عدت أدراجي إلى الفصل وأنا لا أزال أتساءل لماذا يعطي الآخرين زعترا ويمنعني؟؟ 

2 تعليقات:

غير معرف يقول...

جميل هو الماضي بكل لحظاته السعيدة والمؤلمة ..
يؤلمني الحنين اِليه .. ليته يعود ..

تحيتي لحرفك هنا ..

همس الأيام
http://www.damaaa.com/

صالح العليوي يقول...

أشكر لك مرورك الجميل هنا ،،

ظننت أنني وحدي هنا فقط ..

مدونتك رائعة

 

تعريب وتطوير ابن حجر الغامدي ©2009 مُدونة ضِفافْ | Template Blue by TNB