القراءةُ في مجتمعنا !!

|

      برغم ما للقراءة من أهمية بالغة في كل المجتمعات كونها أداة لتطور الأمم ورقيها ناحية الثقافة والفكر وبلوغ المنجزات إلا أننا نجد في مجتمعنا التأخر البارز بأشواط في مجال القراءة ،بالتأكيد لن يكون الحديث هنا حول معدلات القراءة في الغرب مثلا أو غيرها من المجتمعات مقارنة بمجتمعنا فهي أرقام مخجلة جداً وذكرها هنا لا يجدي سوى أنه تأكيد للمؤكد أو هو ترفٌ معلوماتيٌ لا أكثر، ولكن يكفي الإشارة إلى حقيقة واحدة فقط من بعض حقائق صادمة في ذلك وبوسعك عندها أن تتحضر للدهشة قبل أن تكتشف أن معدل القراءة للفرد في بريطانيا -مثلاً- هي 6 كتب سنوياً بينما لا يتعدى معدل القراءة للفرد العربي من أمة "إقرأ" سوى (ورقة واحدة) فقط خلال السنة، هي كارثة بالطبع، لكنه من المهم النظر إلى الأمر من زاوية تحديد المشكلة من دون أن نلقي بالتهمة على الفـرد في مجتمعنا جزافــاً ذلك أنه فيما لو وجد هذا الفرد أرضيـة خصبة وظروفـاً مهيـأة للقراءة لما وصل وضع القـراءة في مجتمعنـا إلى هذا الحد الكــارثي المخجل
ولا يمكن معه عندئذٍ أن ندين الفرد بمشكلة ليست هي من صنع يده بل هي مسؤولية من يُدْعون "بالمثقفين" أولئك الذين نشروا أبواقهم يتحفوننا كل يوم بالصراخ والضجيج حول القراءة وأهميتها ويدعون بالويل والثبور لفرط جهل الفرد في أمة غرقت في غياهب الجهل والتخلف بسببه دونما التفات إلى واجباتهم على أرض الواقع بغير أصواتهم وضجيجهم، فهم في ذلك يحذرون الفرد من أن يقع في الجهل بسبب تجاهله للقراءة من دون أن يتصدوا لمسؤولياتهم ناحية إشاعة جو القراءة بين أفراد المجتمع و توفير ضروريات إقامة مجتمع قارئ وهذا يذكـِّر بقول أحدهم:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له ... إياك إياك أن تبتلَّ بالماءِ

   فروَّاد كل مجتمع يريدون الرقي بمجتمعهم ثقافياً وفكرياً لا يكتفون بمجرد دعوات هنا وهناك للقراءة وإبراز أهميتها فهم يعمدون إلى إحاطة عنوان "الكتاب" بزخم واسع يسمح بتغلغله في اهتمامات الأفراد فهم مثلا يقيمون معرض كتاب دوري في كل عام ويقيمون الندوات التي تناقش كتاباً في الأدب أو التاريخ مثلا ويجرون العديد من المسابقات التي تشجع على القراءة ومن ثم الكتابة فيتطور عندها نتاج المجتمع الفكري والثقافي ويصبح همُّ المجتمع "غير القارئ" في طي النسيان.
دعني هنا أيها القارئ العزيز أورد مثالاً حول كرة القدم اللعبة الأكثر شهرة ورواجاً بين الشباب إذ لا تجد مجلساً في وطننا العربي يخلو من الحديث حولها ومتابعة آخر مستجداتها ، اكتسبت هذه الرياضة شهرتها وجاذبيتها للشباب بسبب الظروف الملائمة التي تم توفيرها فقد خصص لها مساحة (ملعب) لممارستها وأقيمت الدورات والمباريات التي تلهب الشباب و دور الإعلام الذي يشيع جو التنافس والحماس بين صفوفهم كلها عوامل لا يمكن بعدها أن نتعجب من شعبيتها الكبيرة بين الناس سيما الفئة الشابة منها، والقراءة ليست هي أقلَّ متعة من كرة القدم لولا غياب الأجواء المناسبة والظروف الملائمة لشيوعها بين الأفراد كما هو الحال مع كرة القدم، ولست هنا أخلي الفرد من مسؤوليته اتجاه المشكلة فعندما تتوحد جهود روَّاد المجتمع في سبيل الترويج لثقافة "القراءة" بين أفراد المجتمع ذاته ويتكون الدافع لدى الأفراد أنفسهم أيضاً نحو قراءة كتاب فإن ذلك سيؤتي أكله فيما يقبل من أيام وتكون الحماسة إزاء القراءة مثيلة للحماسة إزاء غيرها ويبلغ رقي المجتمع ثقافياً حداً يبرز بين أفراده مبدعون يتحفون المكتبة العربية بنتاجٍ فكري رائع له ثقله الثقافي على الساحة الثقافية االعالمية.. هل سيأتي اليوم الذي يخرج فيه مبدعٌ من عالمنا العربي له مؤلفات تزخر بها المكتبات العالمية ويُستند إليها كمرجع يرجع إليها ؟؟!.
نون والقلم غير متواجد حالياً  

0 تعليقات:

 

تعريب وتطوير ابن حجر الغامدي ©2009 مُدونة ضِفافْ | Template Blue by TNB